الـحــزن
من أينَ يأتي الحزنُ فجأةً ..؟ يهبطُ على الروحِ كما يهبطُ الليلُ علـى التائهِ في مفـازةٍ مُوحشة ، بكلِّ رهبةِ الأمكنةِ ، واتسـاعِ حَـدَقـاتِ الخــوفِ ، وانفتــاحِ شدقاتِ الهَـلعْ . يهبطُ علـى النفـسِ كـإعصار .. من غيرِ تَنَبُّؤٍ مناخي مُسبَقْ .. من غيرِ إنذار . من أينَ يأتي الحزنُ ؟ في فجرِ يومٍ لا يذكرهُ صبيٌ متشرد .. يومَ أخذتهُ امرأةٌ عابرةٌ من جــنـبِ شجرة .. قطعةً من اللحمِ الصغيرِ ملفوفةً في كرتونِ أحذية .. حَنَّت لصوتِ بكائهِ ، ورَقَّت لرجفاتهِ .. فاندفعت لجهةِ الصوتِ ، من حيثُ شَقَّ نحيبُه سكونَ المكان . مِــن أينَ يأتي الحزنُ فجأةً ..؟ يهبطُ هكذا على الإنسانِ ، دونَ أن يعرفَ مصدَرَه ، أو والدَه . تجدهُ مكتملاً وَحده .. من غيرِ رعايةٍ كاملة .. ولا حياةٍ كاملة .. إنه يعرفُ ما يكفي للشجن .. ما يكفي ليكونَ جنيناً مكتملاً دونَ نَسبٍ.. دونَ سَبَبْ . في يومٍ ملَبدٍ بالفرحِ .. تخشى فيهِ هطولَ أمطارٍ كي لا تَحزَنْ ..كي لا تـَـثـكَـل يومَـكَ كالعادة .. لأنه يومُ ميلادِكَ .. وتهطلُ الأمطار .. وتضيعُ ملامِحُ يومِكَ من على خارِطةِ الفرْحِ ..وتحزَنُ .. لأنكَ مارستَ التَّذكُّرَ لكلِّ ش...
تعليقات